Blog

مقالات

الحمل والصحة الفموية

 

من بداية عملي كطبيب تقويم أسنان في مدينة دبي في البداية وحالياً في مدينة العين و كثير من النساء الحوامل اللواتي يراجعونني في العيادة يكون لديهم تخوف من معالجات الأسنان أو تقويم الأسنان خلال فترة الحمل، لكن هل هذا التخوف في محله؟
تواجه العديد من النساء مشاكل على مستوى الأسنان واللثة خلال فترة الحمل، وفي الوقت نفسه هنالك العديد من النساء اللواتي يعتبرن أن علاج الأسنان قد يكون له تأثير سلبي على الجنين.
لكن حقيقةً تُعتبر الرعاية الصحية للفم أثناء فترة الحمل أمر مهم ، بما في ذلك الحصول على صور شعاعية للأسنان والتخدير الموضعي أثناء العلاج أمراً آمناً وفقاً لجمعية طب الأسنان الامريكية، والكلية الامريكية لأطباء النساء والتوليد AOCG  ،كما تضمن بيانهم على أن العلاجات الطارئة مثل عمليات الاستخراج أو قنوات الجذر والترميم يمكن إجرائها بأمان خلال فترة الحمل.
 

 

ويعود تدهور صحة الفم والأسنان خلال فترة الحمل إلى عدة عوامل مثل:
 
1. تنجذب بعض الأمهات خلال فترة الحمل إلى الأطعمة التي تحتوي على الكربوهيدرات، ومن الممكن لإهمال تنظيف الأسنان بعد تناول هذه الأطعمة أن يسبب ضرراً للأسنان.
2. تنزف المرأة الحامل بسرعة أكبر بسبب تأثير هرمونات الحمل )الاستروجين، والبروجستون(، مما يجعلهن يتجنبن تفريش أسنانهن بالفرشاة، ونتيجةً لذلك تتراكم اللويحات البكتيرية في فترة الحمل وتسبب أضراراً للثة، لذلك يجب الاعتناء بصحة الفم خلال الحمل.
3. التقيؤ خصوصاً في الأشهر الثلاث الأولى، حيث أن 70 % من حالات الحمل تترافق بحالات الغثيان والتقيؤ، الأمر الذي قد يزيد من البيئة الحامضية في الفم ويسبب تآكلاً لميناء الأسنان.
4. انخفاض مستوى اللعاب في الفم مما يؤدي إلى جفاف الفم، وبالتالي زيادة خطر حدوث النخور والإصابة بالتسوس.
5. إهمال الأمهات لصحتهن الفموية، نتيجة زيادة تركيزهم على الاهتمام بصحة الطفل.

لذلك و بفضل الأسباب السابقة من الشائع إصابة النساء الحوامل بمشاكل في الأسنان واللثة، الأمر الذي يتطلب منهن الاهتمام والعناية بصحتهنّ الفموية.

 

 

أهمية التغذية على صحة الأسنان أثناء الحمل:
 
خلال فترة الحمل على الأم أن تهتم بالحصول على كمية كافية من الفيتامينات والمعادن ضماناً لصحتها وصحة طفلها، على سبيل المثال خلال هذه الفترة من الضروري أن تحصل الأم على ما يقارب 1200
إلى 1500 ملغ من الكالسيوم يومياً لنفسها ولعظام طفلها لتكون بصحة جيدة؛ من خلال تناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم مثل الحليب ومنتجات الألبان والخضروات الورقية الخضراء، مع اتباع نظام غذائي جيد ورعاية كافية لصحة الفم.
يبدأ نمو أسنان الطفل في الأسبوع الخامس والسادس من الحمل لذا من المهم التركيز في نظام الأمهات على إرشادات معينة في
نظامها الغذائي لضمان صحة الفم والأسنان مثل:
1-تناول الفواكه والخضروات والحبوب والحليب ومنتجات الألبان واللحوم والأسماك والبيض الغنية بفيتاميناتC, D A, بالإضافة إلى الكالسيوم والفوسفور ضمن نظام غذائي متوازن
2-تجنب تناول السكر قدر الإمكان، خصوصاً بين الوجبات
3-تجنب الفواكه المجففة والقهوة
4- تؤثر التغذية خلال هذه الفترة على صحة الأم وطفلها الذي سيولد، ومن المعروف تأثير فيتامينات
Cو D  على تكوين طبقة  مينا الأسنان.
5-تجنب التدخين الذي يؤثر سلباً على صحة الفم واللثة، حيث يزداد التهاب اللثة وتدميرها لدى الأشخاص الذين يدخنون، بالإضافة للأثر السيء للتدخين على صحة الجنين.

 

ما هي التغييرات التي تطرأ على اللثة أثناء الحمل؟
 
خلال فترة الحمل تتعرض النساء لتغييرات في التوازن الهرموني، حيث تخضع الأنسجة للعديد من التغييرات، لأن المشيمة تنتج مستويات أعلى من الاستروجين والبروجسترون أثناء الحمل.
في هذه الفترة، تحدث حساسية مفرطة لتهيج اللثة، حيث يمكن رؤية التهاب اللثة المعروف باسم "أورام الحمل". حيث يبدأ التهاب اللثة عادةً في الشهر الثاني من الحمل، ويصل إلى أعلى مستوى له في الشهر الثامن، ويشفى تلقائيًا بعد الولادة.
عموماً وُجِدَ أن 40 ٪ من حالات الحمل يصاحبها التهاب في اللثة،و وجد أيضاً أن  أن النساء اللواتي يتمتعن بلثة سليمة، لا تتأثر صحتهم الفموية بالحمل، فالالتهاب الذي يحصل هو مجرد رد فاعل ناتج عن زيادة البلاك والتهاب اللثة.
وماذا عن التغيرات التي قد تحصل على الأسنان؟
لا يوجد أساس علمي للاعتقاد بأن حاجة الجنين للكالسيوم اللازم لنمو داخل الرحم يتم الحصول عليها من أسنان الأم وأن فقدان الأسنان يرتبط مع الحمل. لكن يمكن تفسيرها مع ارتباطها بظاهرة القيء التي تحصل في 70 % من حالات الحمل الذي يؤثر سلباً على تآكل طبقة المينا، وبالنسبة لانخفاض كمية الكالسيوم، فلا يوجد هنالك فرق ما بين مستوى الكالسيوم المتأين مقارنة بمستواه ما قبل الحمل.
 

 

إذاً ما الذي علينا أن نقوم به خلال فترة الحمل؟
 
خلال فترة الحمل، تتطلب العناية بالفم والأسنان اهتماماً خاصاً، حيث أن صحة الفم هي جزءٌ أساسي من الصحة العامة، وهي ذات أهمية كبيرة لأنها تتعلق بكل من الأم وطفلها.
العدد المثالي لفحوصات الأسنان خلال فترة الحمل هو فحصان في الثلث الأول، وفحص واحد من الثلث الثاني والثالث في حال كان التقييم جيداً في الفحص الأول. حيث يجب علينا أن نتحقق من سلامة الفم في الثلث الثاني من الحمل وإجراء العلاج المخطط في هذه الفترة.

 

 عندما يكون الدواء ضرورياً، فإن البنسلين penicillin والإريثروميسين erythromycin و السيفالوسبورينات cephalosporins هي مضادات حيوية آمنة للاستخدام أثناء الحمل.
و لكن على النقيض بعض المضادات الحيوية لا يستطب استخدامها أثناء الحمل مثل:

 

التتراسيكلين tetracycline يؤدي لحصول تلون على مستوى أسنان الجنين 
الفانكومايسين vancomycin له تأثير ضار على الأذنين و الكليتين لدى الجنين.
والستربتومايسين streptomycin له أيضاً تأثير ضار على الأذنين.
بالإضافة لما سبق و وفقاً لجمعية طب الأسنان الأمريكية ADA فإن أدوية مثل السيبروفلوكساسين ciprofloxacin و الباربيتورات barbiturates و البنزوديازيبينات benzodiazepines 
يجب تجنبها تماماً ، ويوصى باستخدام مكملات فيتامين ما قبل الولادة.

وبالنسبة لمسكنات الألم، يُوصى بوصفها بالتشاور مع طبيب النساء والتوليد، حيث أنه من الممكن للمسكنات المخدرة أن تثبط الجهاز العصبي المركزي لدى الطفل. لذا يجب تجنب استخدامها أثناء الحمل وفقاً لتوصيات إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA.

 

بشكل عام فإن إهمال صحة الفم والأسنان أثناء الحمل لا يسبب فقط مشاكل مثل تسوس الأسنان وفقدان الأسنان، لكنه قد يؤدي
أيضاً إلى مشاكل مثل الولادة المبكرة وانخفاض وزن الرضع عند الولادة، وتسمم الحمل.
الحمل هو الفترة التي يجب أن تمتثل فيها الأم لقواعد معينة من أجل حماية صحتها وصحة طفلها